الاثنين، 10 أبريل 2017

الكلمة الأولى!




أنا هنا على الطريق ..
يتكاثف الظلال من فوقي .. ربما هي السموات تُغلق أبوابها فلا يجد ضوء الإله طريقًا إلي...
أنا ؟! .. أنا لا أدري شيئًا كأني قد رُميت من العدم على الطريق .. عقلي أصبح عاجزًا عن فهم أي شيء، الظلام يكتنفني يقضي على هذا الضوء ... على الأمل ؟! .. الفلسفة أصبحت سوداء كالرؤية أمامي ..
ضربات قلبي تهدأ ... يأخذني الاستسلام حارقًا قلبي حزنًا .. ودمع العين غير معبر عن الألم!
نعم إنه أخر شعاع ... لا أريد أن أنظر إليه كي لا أتذكره فيما بعد، حينما أكون جزءًا من هذه الظلال .. وها هو قد رحل .
ها أنا ذا محبوس في سجن أسوأ وقعًا من سجن العدم .. لكنه وقتًا وستموت كل مشاعري ونصبح أنا والعدم سواء.. ظلام تام.

ولكن مهلًا ....
أتتذكر ... أتتذكر حينما كنت تحب وجودك هناك، حينما كانت تداعبك الأحلام ... ما الذي حدث، حينما كانت عيناك تشتعل شررًا بالحياة؟! .. لماذا إنطفأت ؟!

عُد ونج نفسك ... فلكل جواد كبوة، ولكل حالم كهف لليأس كهذا؛ تتساوى فيه الحياة بالموت .
لا تبك صغيري ... فأنت جميل قوي .. من أنا ؟!
أنا هو أنت .. القديم منك ... ذكرياتك الجميلة .. أعلم أن الوضع ليس جميلًا .. لكن تلك الظلال ليست مكانًا لنا ... نحن أعظم كثيرًا من ذلك

انتفض! .. أصرخ في الظلال فترتعش تلك السحب ... تذكر تلك الأغنية القديمة .. فسفر الحياة محفور في داخلك.
أتذكر حينما كنت تلون الحياة ألوانًا؟! ... فكيف باتت سوداء في نظرك !؟ .. فكيف للساحر أن يفقد سحره ؟!

وفجأة يخرج نورًا ضعيفًا من قلبك، قد اشتعل حزنًا وضعفت ضرباته .. لكنه يحاول أن يعود للنور ..
الذكريات تتراكم .. ما الذي أتى بي في الظلال ؟!... ما الذي حدث
يعود قلبك ليتقوى بتلك الذكريات ... يشتد النور .. أتتذكر الوعد الأول
لو سرت في وادي الموت لا تخف شرًا .. هناك إلهًا جميلًا قد بنى لك كونًا خلف تلك السُحب المظلمة ... هناك أصدقاء وحياة أجمل بكثير
أصرخ وقل معي ... الكلمة الأولى ... ليكن نور
ليكن نورًا في قلبك ... في حياتك ... تلك الظلال ضعيفة
أنت تراب؟! -نعم هذا صحيح، لكنك تراب النجوم؛ تلك التي كنت تراها في سموات الليل: فتشجعك على حلمك تعطيك أملًا في كون فسيح ...
أنت ابنها ومنها .... تلك النجوم تحترق من أجلك .. أتتذكر القلادة ؟!
أنت عظيم!

نعم إن السموات لتهتز ... وضوء الإله يعود شيئًا فشيئًا .. قم ولا تعود لتخطئ.. وتستلم للظلام مرة أخرى!
مهما بدا لك الظلام قويًا .. فإن شعلة قلبك أقوى ... هيا قم وحارب من أجل حلم ينتظرك!





الاثنين، 27 مارس 2017

المسيحية والفلسفة والإله المنطقي



حينما تركت قراءة الكتب الدينية وتوجهت لدروب الكُفر- كما يسميها البعض- بحثًا عن المعرفة، كانت نظرتي هي نظرة الفطرة في أن ترك قراءة الدين و التأمل في الفلسفة والفيزياء بدلًا من ذلك سيقودني للإلحاد وأن هذا طريق مضاد لله، وهي معرفة شريرة ، لكن الفضول أثرني يا إلهي ؛فتلك الشجرة حسنة المظهر جدًا !
وبعد عام ونصف من التجارب الفكرية استطيع أن أقول  حقًا « لقد مات الإله ونحن اللذين قتلناه »
حينما بدأت أن أقرأ  تحديدًا في علم الكونيات، و كيف بدأ الكون بالانفجار العظيم، وماذا قبل ذلك ؟ وأين الإله من ذلك كل شيء يبدو منطقيًا جدًا من دونه ومنظم !
هذا بسبب أن عقيدتي الدينية القديمة كان لها نظرة مشوهة عن الله، ذلك الإله الغير منطقي، ماسك العصا السحرية ،المُعاقب، متقلب المزاج ، الذي أعلن لأبراهيم أنه هو الأخلاق في قضية ذبح اسحق ! ضاربًا بالمنطق عرض الحائط – كانت تلك نظرتي لتلك القصة حينها - .. كنت لا أتذمر على أي صفة لله، لكني بداخلي أشعر أنه إله ضعيف ... ينتقم ويؤذي الشعوب .. يكره العلم و العلماء، يضطهد جاليلو ..يفضل الإيمان الجاهل عن الفلسفة، وحينما بدأ يتحرر عقلي من قيود الدين الوهمية بقراءة مجالات أخرى، خائفًا لأن هذا الطريق البعيد عن الله كما تعلمت قديمًا ! .. حينها قد رأيت ذلك الإله يموت حقًا!
ليفسح المجال لإله أخر وصورة أكثر وضوحًا منه .. وبدلأ من أن يشكل العلم عدوًا لله كما الحال عند أغلب الناس، انقلب الأمر لدي بالرغبة في البحث عن هذا الإله .. ذلك الإله المنطقي ... المهندس الأول !
بدلًا من الإله الذي ندم على خلقه للإنسان – في سفر التكوين - .. الإله الثائر من أجل كرامته و شعبه !
وكل هذا بعد فترة أصبح مجرد رموز تعبيرات بشرية ... وتناقض تعاليم المسيح في العهد الجديد وضحت ذلك ... هذا الإله يشبه ذلك المهندس ... المنطقي ,الصبور,الحميل .. الثائر على التقاليد اليهودية ... فحول الماء للخمر في أجران مقدسة لا تُوضع فيها خمر !  .. و اُعتبر مهرطقًا .... مثلي !
ربما هو جاء ليمحي الصورة المشوهه عنه في أذهان الناس !
ومن هنا بدأ السؤال من هو الله حقًا ؟
لطالما أحببت هذا الإله الذي لا يملك كتبًا مقدسة ... بل يملك كونًا منطقيًا أثار يديه عليه .. لايملك شعبًا واحدًا.. لكن يملك البشرية كلها محبوبته، ذلك القائل:
" كلك جميلة يا محبوبتي، ليس فيكي عيبة " 
لكن هنا تبدأ قصة الصراع !
هل هذا الإله موجود بالفعل ؟! ، أم إنه ضرب من ضروب الخيال لدي .. وربما أسوأ، ربما سأعاقب في الجحيم بسبب تفكيري هذا !
لكنه عليه أن يكون قابلًا للجميع .. كيف عساه ألا يكون هكذا ؟! .. لكن حرفيه العهد القديم تظهر وجه دموي للإله ... وربما مخالفات علمية كالقبة السماوية في سفر أيوب، و الأرض الساكنة في مزامير داود ! .. والشيء الأكبر .. أين التطور الذي بات حقيقة ! ... أم إن الإله غير منطقي .. والي مش عاجبه ..... !
لقد علمت لاحقًا مدى رمزية العهد القديم .. فالله بالتأكيد لا يندم ... ولا يغضب هذا الغضب .. ولا يأمر أحدًا بالقتل !
إنها نظرة الناس للإله حسب ما علموه في ذلك الوقت !
ألم يكن الله يعرف نفسه لكل جيل .. أنا إله أبوك إسحق ! .. أنا إله أبوك وجدك .. !
يبدو جليًا أنهم لا يعرفوه جيدًا جدًا وهذا يفسر طلب الله لأبراهيم أن يأخذ ابنه – وحيده – ليقدمه كذبيحة لله، هي تجربة .. لكن تجربة لأبراهيم .. هل تعرف الله حقًا يا إبراهيم ! ... أم أنك تظن إلهك كسائر ألهة الأمم يعشق الذبائح البشرية !
نعم فالرمزية لا تنقص الكتاب في شيء ، ودليل على ذلك تشابه الرموز المصرية القديمة وبعض الأساطير مع قصة أدم وحواء ونوح !
فكاتب الأسفار الأولى أراد أن يشرح لشعب إسرائيل الفرق بين ألهة الأمم التي تخلق أدم لتجله يعمل .. وبين الذي يخلقه ليحبه !
بدأ الإله يبتسم لي من السماء  !
نعم إنه هذا الإله ... الحكيم .. غير الحرفي .. الرمزي .. العقلي جدًا ! ... الذي لا يكره العقلانيون، وبالتالي الملحدين ..!
   ألم يقل سفر الأمثال – في إسقاط على المسيح : " الحكمة تنادي في الخارج، في الشوارع تعطي صوتها "
وألم يهلك شعبك من عدم المعرفة؟! ..، أنا طبقت وصية " فتشوا الكتب " فوجدت فيها أجمل حياة .... وجدت في كل كتاب جزء من هذا الإله الأروع بكثير من إله متمركز في كتاب واحد .. فربما تكتمل الصورة ..!
إنه الإله اللاديني .. المنطقي .. المُحب ..
يتبع ....

الجمعة، 21 أكتوبر 2016

أَهْرِبْ

أعلم أني لم أكتب إليك منذ فترة كبيرة؛ لانشغالي في الحياة .. لكن ما هي فترة حتى تعود لتتسائل .. وتسرد وتقول عجبًا كيف انتهى بي المطاف إلى هنا ! ... هل هي الحتمية ؟!  التي تتجلى في نهاية فترة الفلسفة الجافة حتى تستطيع أن تعيش وسط الناس وتعمل مثلهم وتتحول كزومبي يعمل مقابل المال لفترة ثم يموت !
هل كل الأحلام السابقة انتهت؟!، ولا أُخفي عليك سرًا.. فمازالت تداعبني ! تلك الصورة السحرية الجميلة عند تحقيقها .. لتفتح عينيك لتجد أنك ترس ضمن ملايين التروس المُشحمة ...  لتجد الواقع !
لتجد نفسك تزداد بؤسًا عندما تجد تلك الورقة التي كنت تكتب فيها كل أحلامك القديمة الرائعة عند تنظيفك مكتبك .... لتنظر لوهلة ... وتضطر أن تخفيها عن وجهك بإلقاءها فتاتً في القمامة، تلقي بها هناك  كي لا تتأخر في سباق الحياة .. العمل .. شراء النجف ... الزواج ..  هذا السباق  الذي يتحدى فيه الناس بعضهم و يدوسون على بعضهم بعضًا ولا يكلون ....  الذي يؤدي للموت التعيس ...!
فلا يقف أحد ليسأل ... لماذا ؟! ..... لماذا كل هذا ؟! .. وهل أنا سعيد ؟! ... ستجد ضمير زائف يقول لك الساعة السادسة صباحًا  على صوت المنبة الذي تضيق به  " بطل دلع  ويلا على الشغل "... هناك في تلك الألة ... حيث مكانك في الترس .. حيث إن تغيب يومًا فسيأخذ مكانك ترس أخر !.. قم من أجل ألا تخسر السباق !

عجبًا كيف دخلت هناك ؟!
أتذكر إني لم أكن لأدرك ... هل هي طبيعة الحياة ، أم معضلة المضمون والخوف من المجهول المتمثل في أحلامي القديمة ! ....
أم هو المُجتمع ... و إراحة عقلك ... فتتخذ هذا الطريق الطويل الكئيب لأنه به أثار أقدام الناس .. كي لا تضل .. رغم أنك تعلم أنهم غير سعداء أيضًا لكنهم يتكلفون السعادة والرضا !
كيف تحول الحال ؟!
و كيف مرت العشرون عامًا السابقة .. هكذا ؟!
كيف كان أخر عام ؟! .... هل تذكر خمسة أيام فقط مميزين شعرت بهم بالسعادة لأنك أنجزت شيئًا ما تحبه ؟
أم إنك تجري في الطريق .. كما تجري الارض حول الشمس دورات بسنين تضيعها وأنت تجري لا تدري لماذا!
هل هو قانون إلهي للحركة ؟! .. أعتقد أنه يريدنا سعداء .
أنا فقط ضميرك يا صديقي ... ضميرك الصالح، لا أريد أن أضيع مستقبلك بالطبع ... لكن أريدك أن تكون سعيدًا، غير متكلف هذا التكيف المميت لكل ما هو عبقري ومُبدع بداخلك ... نمي مهاراتك ... حب الناس .. أخرج عن الطريق إلى الغابة المُجاورة ... فترى الورد ....شق طريقك وسط الأشجار ! ..  تعلم شيئًا كان حلمًا لك .. إبذل جهدًا في شيء ما تحبه ، لا تنهي حياتك بنفسك .. كن سعيدًا .. ولكن أمضي في طريقك أيضًا لكي تتمكن من أن تعيش .. لكن في الطريق المُشجر .... طريق الحياة  .. ومتى جاء حلمك كالأسد وسط الغابة ... لا تجري منه إلى الطريق المضمون المميت ... أركض ناحية الأسد ... تمسك به لا تخاف ... فأنت بطل لأنك سرت عكس الإتجاه... لأنك فعلت ما هو روتيني بطريقتك الخاصة لتصل لحلمك  .... الحياة قصيرة؛  فافعل ما يجعلك سعيدًا !   

الأربعاء، 17 أغسطس 2016

أما بعد ...






صديقي، أكتب إليك بعد فترة طويلة من الحياة .... لست أسعى إلا أن أحكي لك خبرتي في هذه الحياة، قد أكون على خطأ ، قد أكون على صواب؛ فإذا كان هناك قانون مطلق في هذه الحياة سيكون أن كل شيء نسبي يختلف بالنسبة للراصد !
ماذا حدث ؟! ... أنا لا أعلم .. فجأة كل شيء تغير ... كل شيء أصبح واضحًا بشكل غريب؛ فتحول كلام أطباء التنمية البشرية إلى وهم، أو قل دجل، كل تلك المثاليات تنهار .... لتكشف عن عالم كئيب أبيض وأسود، نريد نحن تلوينه بالوهم .. الذي يضع لنا أهمية أكبر؛ ليرضي كبريائنا ويشبع خوفنا !  
كنت أتمنى أن أصبح ذلك الصديق الذي يحكي لك عن جمال الحياة وسعتها، لكني لم أجد هذاإلا في الروايات ... لهذا يحبها الناس لأنها تحكي لهم عن عالم سحري جميل هادئ، لكنها كالمخدرات سرعان ما تزول مفعولها، لتزيدك بؤسًا لتجد  أن العالم ليس بمكان سحري .. إنه كئيب !
وأقول لك، لا تحاول التفكير في أي شيء تؤمن به.... أي شيء يجعلك سعيدًا ... فستدخل نفسك في دوامة لا نهائية والنتيجة ستكون كئيبة لو كان تفكيرك منطقيًا ! ... العقل والمنطق ينزعان كل السعادة من الكون ... لأنهم ربما على حق ! ... لاأعلم 
فقط  التفكير في أن كل شيء محدود يصيبك بخيبة الأمل... الحرية التي لطالما أزعجونا بها ... مجرد كذبة، أنا لم أختر وجودي هنا من الأساس ... لا أريد أن أصل إلى تعميم أو قانون موجزه أن كل شيء عبثي ومزحة وصدفة و و و ....- أقول لك - لقد سئمت ممكن يروجون لأي فكرة من الأفكار ! 
فأنا لا أعلم شيئًا .. الانحياز لأي رأي للتعصب هو حماقة، هذه هي خبرتي في الحياة، لكن الحقيقة سيئة ... متعتها فقط في قانون « الممنوع مرغوب » رغبتك في الاستكشاف .. في فك رموز الوجود والحياة .. ستنتهي بك بائسًا أو منتحرًا .. فقط كأدم حينما أراد أن يعرف كل شيء ... الخير والشر .. أصبح تعيسًا بعدها ...
لكن الفرق عزيزي بين قصة أدم وقصتي أنك لن تحصل على فرصة ثانية لل «خلاص» !
الأمل ؟! .. نعم إنه موجود بداخلي .... فلا أحد يعيش بدون أمل وإلا كلنا انتحرنا !
موجود، لكن هناك ألف مسبب للتعاسة !
لا أعلم فقد أكون إنسان داخلي يتفلسف كثيرًا وهذا ما يسبب لي التعاسة ؟!
قد أكون مهولًا للأمور كثيرًا .... قد أصبح الغد بلا أي اكتئاب ! ... أتمنى هذا في حقيقة الأمر .. أتمنى أن يصبح الوجود كله بمعنى –بالنسبة لي على الأقل - 
الجيد في الأمر أني مازلت أبحث ... ومازال هناك نور طفيف في أخر النفق .. أتمنى ألا تكن عيناي يخدعاني .. أو عقلي يعبث بي كما يفعل يوميًا ... وأن يكون هو المُخلص المُتظر لينير الحياة  !
المخلص لك ....
الجزء  المكتئب مني حينما انقطع الانترنت ! 

الأربعاء، 27 يوليو 2016

إله الفراغات God of the Gaps




إن فلسفتك في الحياة وتفسيرك للأحداث التي تحدث حولك وللكون عمومًا مرتبط بمعرفتك ومجالك والزمن الذي تعيش فيه ... فترى الكون من عدسة مجالك وفلسفتك فقط ، ومن الصعب عليك تخيل أنها رؤيتك أنت فقط للكون ، بل إنها ليست رؤيتك، إنها رؤيتك بناء على ما تعتنقه وما تهتم به .
فالرياضيون –على سبيل المثال – لا يرون الكون إلا أنه مجموعة من الأرقام والعلاقات الرياضية .. فيتطرق الأمر معهم حينًا إلى التساؤل حول إمكانية وصف الأمور الإنسانية والفلسفية -ولو على سبيل التفكير- بالعلاقات الرياضية... فمصطلحات كمصطلح
"world line" ومصطلح الحتمية  قد يدفعهم عن وعي أو غير وعي إلى التفكير في حياة الإنسان ومصيره بشكل رياضي نظرًا لأن الإطار المرجعي لهم وطريقة حياتهم هي الرياضيات فتتطرق وتدخل ليس فقط في الفيزياء بل في الأمور الفلسفية أيضًا .
 
فالعلم الحديث يخبرنا أننا لا نرى ولا نسمع نحن فقط نترجم الموجات فالذي نراه ليست الطبيعة كاملة، فنحن نترجم بناء على قدراتنا ونفهم ونحلل الأمور بناء على معرفتنا .
كما هو الحال بالنسبة لعلماء الرياضة ... شرع المؤمنون في شتى الأزمان في تفسير العالم بناء على قوى خارجية ، وكان نتيجة لإيمانهم طغى التفسير الإلهي  السحري على عقلهم تمامًا مرتفعًا فوق كل منطق وتفسير سببي للأشياء و الطبيعة ... فهناك هذا الرعد والبرق إذن الطبيعة غاضبة، ولكن مع التطور وبزوغ العلوم من باطن الفلسفة كالفيزياء وغيرها تطور الأمر كثيرًا فأصبح لدينا تفسير واضح مفهوم بعيدًا عن الكون السحري السابق الذي فيه الملائكة تدفع الكواكب لتحركها، ولكن ما إن يقف أمام الفيزياء عائق حتى نجد التفسير الأول هو إعجاز الإله ... وهل الله يحتاج إعجاز ؟! فحينما فشل نيوتن في تفسير حركة جرمين سماويين معًا نجد أنه يفسرها على إنها إرادة الله ... وكأن الله يحب أن يظهر نفسه في فراغات العلم  ولكن سرعان ما يملأ العلم الفراغات  حتى يضع المؤمنون أنفسهم في موقف سيء؛ لأن ملء هذه الفراغات سيمحو الإله شيئًا فشيئًا مع تقدم العلوم حتى لا يجد مطرحًا في كون سببي! و الأسوأ الأمر الذي جعل بعض العلماء في تخيير الناس بين العلم أم الدين ! لأنهما لايمكن أن يجتمعا سويًا .. فبهذه الطريقة الذين سيختارون الدين –وهم الأغلبية – سينظرون للعلم نظرة أكثر عداوة ونظرة تهديد !
وكله بسبب الإطار المرجعي لدى المؤمن الذي دمج الروحيات بالماديات ولم يُفرق بين لماذا الحياة ؟! وكيف الحياة ؟!
ولكن الأسوأ هو تعامل المؤمنون مع العلم –ليس الكل طبعًا - .. قد نختلف أو نتفق في سؤال لماذا العالم موجود ؟!
ولكن العلم هو طريقة توضيح« كيف »، فوضعت الكنيسة نفسها في العصور الوسطى في تحدي مع العلم حول مركزية الأرض – على الرغم أن كوبرنيكوس و جالليو كانا مؤمنين – لأنهم خلطوا بين مركزية الأرض في قلب الله ومركزيتها في الكون .
 فتبدو أن حجة « إله الفراغات » قد ساعدت كل من لا يؤمن بوجود إله بسبب تعنت بعض المؤمنين الذين يعتقدون أن الله لديه عصا سحرية وليس إله منظم يحترم العقل المستكشف لديهم، وقد يكون بسبب حاجتهم للمعجزة أيضًا؛ وهو ما جعل العلم يبدو أنه ضد الدين ... فالفرغات في صورة الكون بدأت تتضاءل .. فبدلًا من رؤيه الله في الفراغات عليك أن تتأمل في الصورة الجميلة التي أمامك وتسأل سؤالًا ميتافيزيقي ربما وهو لماذا ؟!