لماذا يتكرر كل شيء ؟!
ألم أركض في هذا الدرب دهورًا ؟! ...
لم تكل قدماي عن الركض يومًا ....
كانت تلك الوصية .. كانت تلك الشريعة
ألا تمل عن الركض .. لا تنظر إلى الخلف لئلا تهلك!
مهما تكرر الدرب .. مهما حفظت الطريق ...
لعلك تطاولت وسألت ابيك في حداثة عمرك .. ماذا يحدث إن توقفت ؟! .. ماذا يحدث إن أخفقت؟!
لعله نظر تحت قدماه في حسرة وهمس في صوت خافت، حزين: "إن توقفت تموت"
هكذا حُفرت الشريعة ... هكذا بدأ الصراع
لا أدري أي لعنة أصابت مزود ذلك الرضيع
تلك اللعنة التي جعلته لا ينسى أي شيء!...
.. يعيش حياته كلها متذكرًا كل التفاصيل..
ألم يتكرر هذا الدرب ... ألم أكن سعيدًا وفي أوج لهفتي وحداثتي.. يأخذني منحدرًا للهلاك!
ألم أصعد منه مضطربًا !!
وتتابع الدرب .. فيمر المنحدر وتمر البركة المُظلمة! .. الم يمر ذلك الشجر الذابل ؟!
ألم ترى بعد ذلك شجر التوت .. فسرعان ما تجرى لتحصده في لهفة .. فلعل الحياة تطيب .. وتصدق النبؤءة
فربما صعدت صلواتك يا عظيم!
تجري وراء تلك الشجرة .. وراء ذلك الأمل .. تلك العيون!
ثم تجدها مجرد سراب! ...
ألم يتبعك هذا القمر ؟!
هل أخبرك سرًا .. ولا تظنني ساذجًا!
لطالما اعتقدت أنه ملاكي الحارس! ..
.ملاكي أنا وحدي ... ولا تنظر إلىّ تلك النظرة!
أتعلم ما المؤلم يا رفيق ؟!
أنه رغم معرفتك بكل تفصيله بالطريق ..
مازل يراودني الأمل حينما ألمح شجرة التوت ... تلك الشجرة التي كادت أن يقتلني الشوك وصولًا إليها !
كل مرة انظر اليها في أمل ... ألم ... تردد ... تذكرني بماضي اليم .. تذكرني بشريعة هلاكي ..
ثم يتصاعد هذا الصوت في عقلي .. فيتحول العالم من حولك فجأة ... ليصبح ذلك العالم السحري الذي اعتادت عيناك أن تراه صغيرًا .. لترى ابيك بجانبك مبتسمًا وأنت تنظر للقمر الذي يتبعك .. لملاكك الحارس ربما!
فتجد نفسك على بعد ميل من تلك الشجرة . هل يتلاشى عالمك السحري في كل خطوة تجاه الشجرة! .. ليأكلك الظلام تدريجيًا ؟!. أم هل جاء الوقت لتصدق النبوءة ... لتنقذك ملائكتك بعدما تركوك وحيدًا!
... هل تجد الحية فوق الشجرة؟! ... الظلام يزداد .. والعالم من حولك يختفي .. وقد بدأت قدماك في الكلل .. وقلبك في الخفقان سريعًا كقدماك!
ليس أماك إلا ان تغمض عيناك وتخلع نعليك وتركض ... فتذكر ... إن وقفت، موتًا تموت