الأربعاء، 17 أغسطس 2016

أما بعد ...






صديقي، أكتب إليك بعد فترة طويلة من الحياة .... لست أسعى إلا أن أحكي لك خبرتي في هذه الحياة، قد أكون على خطأ ، قد أكون على صواب؛ فإذا كان هناك قانون مطلق في هذه الحياة سيكون أن كل شيء نسبي يختلف بالنسبة للراصد !
ماذا حدث ؟! ... أنا لا أعلم .. فجأة كل شيء تغير ... كل شيء أصبح واضحًا بشكل غريب؛ فتحول كلام أطباء التنمية البشرية إلى وهم، أو قل دجل، كل تلك المثاليات تنهار .... لتكشف عن عالم كئيب أبيض وأسود، نريد نحن تلوينه بالوهم .. الذي يضع لنا أهمية أكبر؛ ليرضي كبريائنا ويشبع خوفنا !  
كنت أتمنى أن أصبح ذلك الصديق الذي يحكي لك عن جمال الحياة وسعتها، لكني لم أجد هذاإلا في الروايات ... لهذا يحبها الناس لأنها تحكي لهم عن عالم سحري جميل هادئ، لكنها كالمخدرات سرعان ما تزول مفعولها، لتزيدك بؤسًا لتجد  أن العالم ليس بمكان سحري .. إنه كئيب !
وأقول لك، لا تحاول التفكير في أي شيء تؤمن به.... أي شيء يجعلك سعيدًا ... فستدخل نفسك في دوامة لا نهائية والنتيجة ستكون كئيبة لو كان تفكيرك منطقيًا ! ... العقل والمنطق ينزعان كل السعادة من الكون ... لأنهم ربما على حق ! ... لاأعلم 
فقط  التفكير في أن كل شيء محدود يصيبك بخيبة الأمل... الحرية التي لطالما أزعجونا بها ... مجرد كذبة، أنا لم أختر وجودي هنا من الأساس ... لا أريد أن أصل إلى تعميم أو قانون موجزه أن كل شيء عبثي ومزحة وصدفة و و و ....- أقول لك - لقد سئمت ممكن يروجون لأي فكرة من الأفكار ! 
فأنا لا أعلم شيئًا .. الانحياز لأي رأي للتعصب هو حماقة، هذه هي خبرتي في الحياة، لكن الحقيقة سيئة ... متعتها فقط في قانون « الممنوع مرغوب » رغبتك في الاستكشاف .. في فك رموز الوجود والحياة .. ستنتهي بك بائسًا أو منتحرًا .. فقط كأدم حينما أراد أن يعرف كل شيء ... الخير والشر .. أصبح تعيسًا بعدها ...
لكن الفرق عزيزي بين قصة أدم وقصتي أنك لن تحصل على فرصة ثانية لل «خلاص» !
الأمل ؟! .. نعم إنه موجود بداخلي .... فلا أحد يعيش بدون أمل وإلا كلنا انتحرنا !
موجود، لكن هناك ألف مسبب للتعاسة !
لا أعلم فقد أكون إنسان داخلي يتفلسف كثيرًا وهذا ما يسبب لي التعاسة ؟!
قد أكون مهولًا للأمور كثيرًا .... قد أصبح الغد بلا أي اكتئاب ! ... أتمنى هذا في حقيقة الأمر .. أتمنى أن يصبح الوجود كله بمعنى –بالنسبة لي على الأقل - 
الجيد في الأمر أني مازلت أبحث ... ومازال هناك نور طفيف في أخر النفق .. أتمنى ألا تكن عيناي يخدعاني .. أو عقلي يعبث بي كما يفعل يوميًا ... وأن يكون هو المُخلص المُتظر لينير الحياة  !
المخلص لك ....
الجزء  المكتئب مني حينما انقطع الانترنت !